الأحد، 29 ديسمبر 2013

«كروت البنزين ».. تتجسس على المصريين!

«كروت البنزين الذكية».. يبدو الأمر للوهلة الأولى وكأنه فرصة لإدخال نظام عصرى حديث لتسهيل عملية حصول المواطنين على حصص من البنزين، ربما توفر عناء البحث عن وقود السيارات فى أوقات أزمات المحروقات، وعلى الرغم من انقسام البعض حول جدواها بين مؤيد للفكرة ومعارض لها، إلا أن الكارثة الكبرى هى أن فكرة هذه الكروت التى تعد أخطر إرث إخوانى هى وسيلة للتجسس على بيانات المصريين بمن فيهم مؤسسة الرئاسة، وذلك بحسب ما كشف مصدر سيادى لـ«الصباح».
الكروت الذكية للمنتجات البترولية.. أكبر «مقلب» شربناه بمنتهى السذاجة، حيث كشف مصدر سيادى مطلع أنها مجرد وسيلة للكشف عن بيانات المصريين والحصول على تفاصيل مواقع سكن المسئولين فى الجهات الأمنية وأرقام سياراتهم وهواتفهم المحمولة، وبمحض إرادة كبار موظفى ومسئولى الدولة تطوع الجميع لإمداد منظمات إرهابية وأجهزة مخابرات معادية بتلك البيانات.
التفاصيل المفزعة تتلخص فى أن الشركة التى وضعت نظام جمع البيانات فى مشروع الكروت الذكية، والتى يصب فيها جميع بيانات المصريين، هى شركة إنجليزية يمولها رجل أعمال إخوانى بارز، قريب لهشام قنديل، وهى التى تدير أعمال الشركة المصرية المعلن عنها التى من المفترض أنها شركة مساهمة وطنية أنشئت عام 2005، وهدفها ليس توصيل الدعم لمستحقيه، بل جمع بيانات المسئولين فى الجهات السيادية والوزارات المختلفة، والدليل هو توعد القيادى محمد البلتاجى وأعوانه من داخل قفص محاكمتهم، للقضاة والمسئولين الأمنيين بالانتقام.
بداية اللعبة الإخوانية كانت منطقية وبدت إيجابية، فالمبرر واضح، وهو أن دعم المواد البترولية يحمِّل خزينة الدولة المفلسة نحو 114 مليار جنيه سنويا، ولأن الأزمة فى البنزين والسولار تتكرر متحدية كل الحكومات المتتالية، فلا حل سوى الكروت الذكية التى تضمن وصول الدعم لمستحقيه وتوفر 36 مليار جنيه سنويا.
سيناريو الخدعة أعدته مخابرات دول أجنبية، واقتنع المواطنون قبل المسئولين بالمبدأ العام، خاصة أن من يرعى الفكرة- وقتذاك- هو حكومة هشام قنديل التى ستنجح فيما فشلت فيه حكومات الحزب الوطنى ومن بعده المجلس العسكرى للسيطرة على تسرب الدعم إلى السوق السوداء.
وخرج علينا الرئيس الإخوانى «المعزول» محمد مرسى الرئيس، فى خطبة عصماء كشف فيها عن سذاجة غير مسبوقة، حين قال «إن النظام السابق كان يوصل الدعم للأغنياء والفقراء لا.. أعتذر للجميع عن الموجود فى الشارع.. أزمة البنزين.. نستهلك بالسرقة 33 ألف طن سولار... والحكومة تضخ 36 ألف طن كل يوم، وتابع: «وفرنا 74 مليار جنيه لدعم المواد البترولية.. مشكلة البنزين والسولار صعبة، ومررت على المحطات البنزين وشفت معاناة الناس بنفسي».
وعلى طريقة دس السم فى العسل، قال مرسى «إحنا فى موضوع العيش والدقيق عاوزين الدعم يوصل لأصحابه.. خلينا الدعم لرغيف العيش نفسه عشان نمنع السوق السوداء... ونفس الفكرة حاولنا عملها من خلال الكروت الذكية.. مسكنا محطة بالبحيرة بقالها 5 سنين بتاخد بنزين وملهاش مكان على الأرض وباعت فى ظل الفترة ديه لسوق السوداء.. وواحد واقف فى رمسيس بيبيع البنزين للناس بخمسة جنيه».
وبدأ تنفيذ المخطط الذكى، وبدأ وزيرا البترول شريف هدارة، والمالية فياض عبدالمنعم وقتذاك فى تنفيذ المخطط الإخوانى بكل دقة، حيث تم التعاقد مع «شركة إنجليزية» لتنفيذ مشروع المنظومة الإلكترونية لضمان عدم تسرب الدعم إلى السوق السوداء عبر محطات البنزين، لكن الواقع كان بعيدا عن ذلك، حيث أرسلت الشركة المنفذة للمشروع فى مصر، والتى تعد ستارا لرجل أعمال إخوانى، أوامر لكل الوزارات والجهات الأمنية لإمدادها بكامل قواعد البيانات الخاصة بأفرادها.
وعلمت «الصباح» أن من أهم الجهات السيادية التى سلمت قائمة بقاعدة بيانات كاملة بموظفيها هى رئاسة الجمهورية فى عهد الرئيس المعزول، وتضمنت القوائم أسماء الموظفين رباعية وعنوان السكن والرقم القومى ووحدة المرور التابع لها والوظيفة.
وظلت حكومة قنديل تبالغ فى إنجازاتها الوهمية ولم تعلن عن سر طلبها بيانات الجهات السيادية مثل القوات المسلحة، حيث أكدت المصادر أن الشركة المنفذة لمشروع الكروت الذكية ووزارة المالية طلبت من القوات المسلحة إمدادها بتفاصيل عدد السيارات التى تستخدم وأسماء مستخدميها رغم أن الجميع يعرف أن سيارات القوات المسلحة لها محطات تموين داخل الوحدات العسكرية، ولا تتعامل مع محطات البنزين المتواجدة فى الشوارع، وبالتالى رفضت القوات المسلحة إمدادها بتلك القوائم، وبدأت المخابرات فى تقصى الخيط حتى توصلت إلى الخدعة الكبرى التى وقع فيها الجميع، بما فيها جهات أمنية بارزة.
وإذا كانت وزارة البترول حالياً، وبالتعاون مع الشركة المصرية المسئولة عن البرنامج تقوم بتجميع بيانات مستحقى دعم الطاقة بصورة فردية عن طريق تسجيل البيانات إلكترونيا، وذلك لتحديد كميات البنزين والسولار للمستهلكين من أصحاب السيارات بعد تطبيق المرحلة الثانية، وهو ما أكده مصدر مسئول فى «الهيئة المصرية العامة للبترول»، قائلاً: إن هدف المشروع هو «رفع الدعم عن الوقود والذى سيكون تدريجيا دون المساس بمحدودى الدخل، مع احتمال إلغائه نهائياً فى حاله توصيل الدعم إلى مستحقيه، والمرتبط بنجاح المرحلة الثانية من مشروع الكروت الذكية، الذى تعتزم الحكومة تطبيقه بداية العام المقبل 2014» لكنه لم يجب عن سؤال: أين ذهبت بيانات الوزارات والجهات السيادية وهل تم استغلالها فى تتبع القيادات وتحديد المستهدفين للاغتيال؟
والآن بعد كشف الكارثة.. وإبلاغ الحكومة ووزارة المالية والبترول بالحقيقة، فماذا سيكون الرد؟ وهل فى أقل تقدير سيتم وقف المشروع لحين مراجعة موقف الشركة المنفذة وبنود التعاقد ومن وضع النظام المعلوماتى بها، أم أن حجج الشرط الجزائى ستقف عائقاً فى سبيل ذلك؟ وهل بإمكان حكومة حازم الببلاوى المضى قدماً فى تنفيذ المشروع من دون أن تقدم بيانات المواطنين كاملة لجهات إرهابية!!
الصباح

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Hostgator Discount Code تعريب : ق,ب,م