يا لجمال الشر: أدوار الشر ممتعة للممثل والمتفرج على حد سواء، ولو أنني خيرتك بين محمود المليجي وشكري سرحان فستختار على الفور المليجي العبقري الذي لا ينسى. أنا شخصيا أمر بمرحلة تجعلني أقرب إلى لعب أدوار شريرة، أن أفسد شيئا أو أشياء في مصر، وإذا كنت حريصا على الحرية الاقتصادية في مصر كطريق وحيد للنجاة، لذلك عليّ أن ألعب دورا معاكسا، أن أقوم بتدمير شركة أو عدة شركات قطاع خاص، لا بد
أن أسعد أنا وعدد كبير من زملائي بتدمير عدد من هذه الشركات التي يمتلكها الأوغاد مصاصو الدماء. هؤلاء الذين لم يستمتعوا بمص مصاصات بشكل كافٍ في طفولتهم فتكونت عندهم هذه العقدة بعد أن كبروا، ولم يجدوا طريقة لإشباعها إلا بمص دماء شعوبهم. عليّ أن أقوم ليل نهار بدراسة القوانين التي تتيح لي ذلك ثم أتولى بنفسي توجيه الاتهامات لهم. نظرت حولي فوجدت شركات التليفونات المحمولة، تلك الشركات التي يعمل فيها مئات ألوف البشر من الشباب، وكان سؤالي الأول الذي وجهته لنفسي وبعض زملائي المخلصين هو.. ماذا تضيف هذه الشركات إلى الدخل القومي المصري؟.. لا شيء. ليست هي التي تتكلم، بل الشعب المصري العظيم هو الذي يجهد نفسه ليل نهار في الكلام ثم يضيع وقتا ثمينا من عمره في السماع لهذا الكلام، ثم تأتي هذه الشركات في نهاية الشهر لتحصد الملايين من فلوس هذا الشعب المسكين. ماذا يحدث لو أننا أغلقنا هذه الشركات بالضبة والمفتاح؟ ملايين البشر سيجدون متسعا من الوقت للعمل في الإنتاج والتصدير الذي يعود على البلاد بالخير، أما الشباب المساكين الذين يضيعون أعمارهم في هذا العمل التافه، فمن المؤكد أنهم سيجدون عملا آخر أكثر أهمية. يا حضرات السادة القضاة والمستشارين.. إنني أتوجه لكم اليوم طالبا إغلاق هذه الشركات من أجل عودة الناس للإنتاج بعد أن أرغمتهم هذه الشركات على تضييع أعمارهم وفلوسهم على الكلام. ولكن إذا تحجج أحد بأن بعض هذه المكالمات ينتج عنها مكاسب للمجتمع ككل، فلا بأس.. هذا كلام المصريين وعلى المصريين أن يحصلوا على العائد من ورائه، يعني أن تكون هذه الشركات كلها تابعة للحكومة. على الأقل الحكومة مهما كانت أخطاؤها، فمن المؤكد أنها ستكون أكثر رحمة بشعبها من أصحاب هذه الشركات الأوغاد. عندما تكون هذه الشركات تابعة للقطاع العام العظيم، فسيكون من السهل عمل تسعيرة جديدة للمكالمات، بحيث يوجه الدعم فقط لمكالمات المحتاجين والفقراء.. هل نحاسب من يتكلم عن بناء فيللا تتكلف الملايين، بنفس التسعيرة التي يطلب فيها مواطن سندوتشات فول وطعمية من أحد المحلات؟ ثم ماذا عن الأمن القومي لهذا البلد يا سادة، أصبح من السهل على أجهزة العالم كلها أن تعرف كل أسرار الأمن القومي عندنا، رحم الله أيام العظمة والقوة والأسرار، عندما كان المواطن يذهب إلى سنترال عدلي ويكتب اسمه وعنوانه واسم من يريد أن يتكلم معه ورقم تليفونه والعاصمة التي يعيش فيها، ثم يحدد له موعد المكالمة عندما يجد ضابط المخابرات وقتا يستمع فيه إليها... يا حضرات القضاة والمستشارين.. إن نجاح هذه الشركات سيغري حتما شركات أخرى بالعمل والإنتاج وهذا هو ما يرفضه كل الوطنيين المخلصين في هذا البلد.
الشرق الاوسط
الشرق الاوسط