صور نادرة جدااا من داخل كنيسة التجلى وغرفة الموتى بدير سانت كاترين
غرفة الموتى بدير سانت كاترين
كتبت منال العيسوى
من غرفة الطعام والأجراس بدير سانت كاترين، يمكنك أن تأخذ طريقك، وتعود من نفس السرداب، لتصل إلى الكنيسة الرئيسية وهى كنيسة التجلى بالجزء الشمالى من الدير، وتسمى أحيانا الكنيسة الكبرى أو الكاتدرائية، وهى مشيدة على طراز البازيلكا، الذى كان شائعا، وقت بنائها عام 527م، فى عصر الإمبراطور جوستنيان.
وأنت تقف بداخل الكنيسة تأخذك الرهبة والروحانية والشعور بخفقان القلب، وأنت ترى صفان من الأعمدة، عددهم 12 عاموداً تمثل شهور السنة، وعلى كل جانب يوجد 4 هياكل يحمل كل منها اسم أحد القديسين.
وفى صدر الكنيسة توجد قبة محلاه بالفسيفساء، تعتبر من أشهر الفسيفساء المسيحية فى العالم كله، ولا يضارعها فى قيمتها الفنية إلا فسيفساء كنيسة أيا صوفيا فى اسطنبول، وتمثل هذه الفسيفساء مناظر من العهد القديم والعهد الجديد.
يتصدر الفسيفساء، المنظر الرئيسى الذى يمثل المسيح فى الوسط وعلى يمينه العذراء وعلى يساره موسى، بينما بطرس مستلقيا عند قدميه وعلى الجدار يوجد منظران يمثل أحدهما موسى يتلقى الشريعة فوق جبال سيناء، والثانى يمثل موسى وقد ركع أمام الشجرة.
تحت سقف هذه القبة سترى التابوت الذى وضعت داخله بقايا جثة القديسة كاترين داخل صندوقين من الفضة، فى أحدهما جمجمة القديسة وفوق الصندوق تاج من الذهب المرصع بالأحجار الكريمة ويحتوى الآخر على يدها اليسرى، حليت بالخواتم الذهبية والفصوص الثمينة.
فى كل مكان داخل الكنيسة تحاصرك الأيقونات التاريخية الكبرى، والتى يصل عددها نحو 150 أيقونة من مجموع حوالى 2000 أيقونة من بينها أيقونات نادرة صنعت فى القرن السادس الميلادى.
قد يختلط عليك الأمر، وأنت تقف داخل الكنيسة، وتظن أنك فى متحف للفنون من كل مكان، حيث يتدلى من سقف الكنيسة الثريات الثمينة البراقة والمصنوعة بشكل فنى لا يمكن وصفه.
تخرج تاركًا خلفك منظرًا لن تنساه طيلة حياتك، لتأخذك قدمك للممر بين الكنيسة وشجرة العليقة، ربما تتوقف كى توقد شمعة وتغرسها فى هذا الحامل الكبير الذى وضع خصيصًا لذلك، يمكنك الوصول إلى هيكل الشجرة، من الجانبين وهو المكان الذى يعتقد أن موسى وقف فيه عندما كلمه الله.
لن تستطيع أن تدير ظهرك للشجرة وترحل قبل أن تتخيل روعة مشهدها حين توهجت وستربط روحك بين روعة الخالق حين تتوهج شجرة خضراء لتنير حياة نبى الله موسى دون أن تحترق، ووقتها ستعرف لماذا يربط الناس بينها وبين السيدة العذراء مريم حين حملت وأنجبت وظلت عذراء.. هنا حقًا تتجلى روعة الخالق.
من هذه الحديقة تستطيع أن ترى بوضوح المعبد اليهودى ومئذنة الجامع ومنارة الكنيسة مجتمعين، وبجوارهم شجرة العليقة التى تظل طوال العام خضراء ولا تتأثر بأى عوامل جوية وأخذ علماء منها جذورًا لإعادة إنباتها فى أماكن أخرى لكن لم تفلح أى محاولات لذلك.
كانت المغامرة الأكبر فى محاولة دخول المقبرة التى تضمها تلك الحديقة، فالحياة والموت فى الدير تتجسد داخلها الذى يأخذ الشكل المثلث الطويل الممتد فى الصحراء، وما به من آبار حفرها الرعاة الأوائل للدير، لتجميع مياه الأمطار والثلوج والسيول، بها حجرة يتم فيها جمع رفات الرهبان حيث ملحق بها معبد صغير يسمى معبد "تريفن" وتحته مكان لعظام الموتى حيث يدفن المتوفون فى مقبرة صغيرة ثم تنقل عظامهم فيما بعد إليها، وأحيانا أجسامهم كما هى وتعود عادة جمع العظام منذ تأسس الدير.
للوهلة الأولى حين ترى هذه الغرفة يتملكك الخوف والرهبة حين تشتم رائحة الموت حولك وأنت تشاهد جماجم وعظام الموتى ورفات أشهر راهب هناك وهو الناسك اسطفانوس وهى يرتدى الأسكيم التوحدى وهى موضوعة فى صندوق خاص، وبعدها ستعرف أن رهبان الدير قرروا عدم فتح هذه الغرفة للزوار بعد أن تسببت تيارات الهواء تفتيت بعض الجماجم وهشاشتها.
ستغادر المكان لكن لن تستطيع ذاكرتك أن تنسى كل شبرا فيه فلن تشاهده ما شاهدته فى أى مكان آخر طيلة حياتك مهما حييت تاركا خلفك السور الذى يحيط بالدير مشيداً بأحجار الجرانيت ويتجاوز ارتفاعه 15 متراً، يقطعه فى الأركان أبراج تشبه حصون القرون الوسطى لتعود مترجلا لمكان آخر.